على الرغم من الإنجازات ولحظات الحزن والفرح والإنتصارات والإنكسارات التي عاشها نادي الزمالك على مدار تاريخه العريق الذي يمتد إلى ما يقرب من مائة عام، يظل شهر يوليو في عامنا الحالي 2008 علامة فارقة في تاريخ النادي، وذلك ليس لأنه حمل ممدوح عباس هذا الرجل المخلص والمحب للزمالك رئيساً للبيت الأبيض من جديد، ولكن لأنه شهد اختيار جماهير الزمالك وللمرة الأولى لرئيسها بعيداً عن جمعيات النادي العمومية، ووقوفها قوية صامدة أمام الضغوط، بل واصرارها على من وجدته اكثر من يستطيع تسيير الأمور بشكل جيد في المرحلة القادمة.
لحظات تاريخية وعصيبة في الوقت نفسه عاشها النادي الكبير في الأيام الماضية بين قوتين متضادتين، فجماهير الزمالك والأغلبية من أعضاء النادي في وادي وأصحاب المصالح مدعومين بمساندة الكثير من وسائل الإعلام التي لا ترغب استقرار الزمالك في وادي آخر .. هؤلاء يقومون باعتصامات ومظاهرات، وهؤلاء يفتحون الأبواق للمعارضين للنقد والتقطيع .. هؤلاء يخشون رحيل النجوم وفشل الصفقات الجديدة لعدم وجود من يمولها وهؤلاء لا يشغلهم سوى ابعاد شخص بعينه عن المنصب وليذهب الزمالك وصفقاته وفرقه ورياضاته إلى الجحيم ... وظل الصراع قائماً حتى انتصرت الجماهير البيضاء وجاءت بمن ترغبه وتريده وسلمته هي بنفسها مفاتيح ناديها.
ان الأزمة الخطيرة التي عاشتها الجماهير البيضاء في الأيام الماضية، والتي قد تتكرر مرة أخرى بالطبع بعد سيل الطعون والاحتجاجات المنتظر تقديمه من المتضررين، كشفت للجميع حقيقة كل من له علاقة بالنادي من قريب أو بعيد، ورسخت لديهم اعتقادات كانت موجودة بالفعل، ولكنها كانت تحتاج للتأكيد.
|
|  |
| ايمن عبد العزيز أحد صفقات الزمالك الجديدة | | |
فقبل القرار الذي اتخذته لجنة الحكماء، أعلن عدد من المرشحين اقتناعه بأراء اللجنة والقرار الذي ستخرج به أياً كان، وانهم على استعدادا للابتعاد عن النادي اذا كان ذلك في مصلحته، وانهم وانهم وانهم ... أما الآن وبعد أن قالت اللجنة كلمتها بالأغلبية نجدهم وقد سحب كل منهم كلامه السابق وتراجع، فاللجنة أتت بالشخص الوحيد الذي لا يتمنوه والذي في الوقت نفسه يحبه الجميع داخل النادي وخارجه، وهو ما يسبب لهم الخوف من أن يزداد نفوذه في الداخل ويصبح المرشح الأول لقيادة النادي في الإنتخابات القادمة بلا منازع.
فنجد الأستاذ المندوه الحسيني الذي أكد إنه مستعد للتنازل ودعم لجنة الحكماء، يتنصل من كلامه السابق، ويقول في أول تعليق له "مش حسكُت" .. ويستكمل حديثه قائلاً :" لا أعرف ماذا يريد حسن صقر .. لقد أتى بنفس المجلس القديم تحت مسمى آخر وهو المجلس المعين .. انني بالخارج حالياً ولكنني علمت من وكالات الأنباء بما حدث .. سأقدم استجواباً في مجلس الشعب ضد القرار .. فلا يعقل ان يستمر المجلس الذي تسبب في تدمير النادي."
وعندما سأله مقدم إحدى القنوات التي تفتح منابرها للمندوه وإسماعيل سليم ومرتضى منصور في الحلقة الواحدة أكثر من مرتين أوثلاث مرات، عن اتصال هاتفي أجراه مع الدكتور مفيد شهاب قبل ساعة من صدور القرار، قال "اتصلت به ولكن لنتحدث عن أمور أخرى"، وعندما ضغط عليه مقدم الحلقة قليلاً، قال :" تحدثنا في الموضوع وأكد الدكتور شهاب انه ليس له دخل بالمسألة وأن هناك مسئول عن الرياضة يمتلك الحق في اصدار القرارات الخاصة بها."
أما إسماعيل سليم المرشح الآخر للرئاسة، فقد أظهر توافقاً كبيراً مع المندوه، ملتمساً له العذر في حالة العصبية والاحتقان الذي ظهر عليها منذ صدور القرار، لأنهما كانا يرغبان في أن تدير لجنة محايدة النادي هذا العام بغض النظر عن الأزمة المالية التي يعانيها النادي أو احتياجاته في المرحلة المقبلة أو الحالة المتردية التي كا
|
|  |
| جماهير نادي الزمالك | | |
ن سيعيشها خلال الفترة القادمة.لقد احتار الوسط الرياضي في سر صحوة الجماهير البيضاء التي تحركت أخيراً لتدافع عن حقها الطبيعي في اختيار رئيسها، وخرجت التفسيرات لتحصر اختيار الجماهير لممدوح عباس في "شاي الياسمين"، وهو اللفظ المستخدم للتعبير عن أموال ممدوح عباس، والمقتبس من فيلم النجم عادل إمام"مرجان أحمد مرجان"، والذي يعني استسلام اي شخص يرغب النجم الكبير في خدمة منه إلى اغراءات الأموال والفلوس، ولكن تفسيرها يبدو بعيداً عن الواقع بنسبة كبيرة لأن شاي الياسمين لا يستطيع إلا أن يمول الصفقات وينتشل النادي من أزماته المادية، ولكنه أبداً لا يصنع الحب الذي عبر عنه الزمالكاوية مؤخراً سواء اعضاء النادي الذين يعرفونه عن قرب أو جماهيره في الخارج، الذين ليس لهم ناقة ولا جمل، ولا يستفيدون من أمواله بتاتاً.
لقد حاول البعض تصوير عباس على إنه بنك متنقل يضخ أموالاً فقط ويحاول شراء كل من حوله لتحقيق مآربه، ولكن يبقى السؤال مطروحاً هل يوجد رجال أعمال على الساحة ينتمون للزمالك؟، أو بالأحرى هل هم على استعداد لدعمه؟ .. "نعم" تجاوب على السؤال الأول، و"أشك" تجاوب على الثاني والا ما كان الزمالك عانى من أزمات مالية طاحنة خلال السنوات الأخيرة، وعلى ذلك فلنترك من يملك الأموال ويعشق النادي، ويرغب في تطويره والارتقاء به ليعمل .. ولنعرف أن "شاي الياسمين" لا يشتري حب الناس أو يصنع الاستقرار في نادي ارهقه التناحر والخلافات، ولكن الحب والرغبة الصادقة والعمل الجاد والتضحية قادرون على فعل ذلك.
الجمعة ديسمبر 05, 2008 4:27 am
