حسين الفقي ديباوى مميز
عدد الرسائل : 30 العمر : 55 المزاج : الحمد لله تاريخ التسجيل : 10/09/2010
| موضوع: سلسلة رسائل قلب جريح : الرسالة الثالثة " رسالة إلى أصحاب المعاصي الجمعة أكتوبر 08, 2010 2:55 am | |
| رسالة إلى أصحــاب المعـاصي والسيئات من أمة خير البريات محمد $
إهداء من حسين بن عبد البديع ا الفقي تاريخ الإرسال (1428هـ / 2007 م )
بعد الحمد لله ، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ، والإقرار والاعتراف بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبد الله ورسوله .. أبعث بتلك الرسالة رسالة إلى ........أضاعوا وصية الله العزيز الغفار رسالة إلى ........من أضاعوا وصية النبي المختار رسالة إلى ......من يرجون مجاورة الأبرار الأطهار رسالة إلى .......الطامعين بأن يزحزحوا عن النار رسالة إلى ......من فرطوا في الطاعات رسالة إلى ......من أسرفوا في المعاصي والسيئات رسالة إلى ......من فرطوا في الطاعات رسالة إلى ......من تمادوا في فعل المنكرات رسالة إلى ......من أغضبوا رب الأرض والسماوات إليهم أبعث بتلك الرسالة لعلهم من ثباتهم يتحركون ، و من غفلتهم يفيقون، ومن الخلود إلى الهوى يفرون . إنها رسالة محب في الله ..... فاللهم اجعلها خالصة لوجهك الكريم.... رسالة أقول لك فيها أيها الحبيب ....... إن الذي دفعني إلى المسارعة بإرسال تلك الرسالة ما أراه في أيامنا هذه من أناس {لا يرجون لله وقارا } فهم يبارزون ربهم بالذنوب ليلا ونهارا ، بل وسرا وجهارا . فوا عجبا كيف يعصى الإله أم كـيـف يجحده الجـاحــد وفــي كــل شــيء لـــه آيــة تــدل علـى أنـــه الـواحــد نعم يثير حمية العجب عندي ما أراه من كثرة المعاصي، بل من تفشي المعاصي وجرأة العصاة بارتكاب ما يغضب الله ، ولا أبالغ إذا قلت أن هناك من يتباهون بمعاصيهم ، ويختالون بسيئاتهم ، بل وقد يفعلون من الذنوب ما يسترها عليهم المولى علام الغيوب ، ولكنهم ما قبلوا ستر الحليم عليهم فأصبحوا وحدثوا بها خِلاّن السوء .... أصبحوا وقد هتكوا ستر الله عليهم ، فضلا عن أنهم لا يأتون الطاعات مع ما يأتونه من كثرة المنكرات ... وكأنهم ما عرفوا أنه لابد لهم من يوم يقفون فيه للحساب بين يدي الله رب الأرض والسماوات .... أما والله لو علم الأنام لما خلقوا لما غفلوا وناموا حياة ثم موت ثم بعث وميزان ... وأهوال جسام ونحن إذا أمرنا أو نهينا كأهـل الكهف أيقـاظ نيـام فهذه رسالة .... بل أعتبرها مجرد همسة في أذن كل عاصٍ لله ... همسة في أذن كل مقصرٍ في جنب الله ... همسة في أذن كل مفرطٍ في طاعة الله .... همسة أقول له فيها : أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : عظم من تعصاه ... سبحانه هو الله ، فقد ابتلينا في هذا الزمان بمن يحتقر في نفسه بعض الصغائر ، فيقول ما تضر تلك المعصية ، وما يضر ذاك الذنب ... إنه من الصغائر ، بل ويستخف البعض ويتساءل في استخفاف فيقول : كم سيئة فيها ؟! أو حتى يقول هل هي كبيرة أم صغيرة ؟! سبحان الله .... وكأنه ينظر إلى حجم معصيته ... وما له أدنى نظر إلى عظم من يعصاه ... سبحانه جل في علاه . إنه الواقع الأليم ، إنه الواقع المرير .... وصرت أقارن بين واقعنا المرير المؤلم وبين واقع من كانوا قبلنا وأتعجب ... أين العصاة ... بل أين نحن؟! فكلنا ذوو خطأ ولا عصمة إلا للرسل ... أين نحن من قول أنس رضي الله عنه وهو يقول : " إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر ، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات " أي المهلكات . أين نحن من قول ابن مسعود : " إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع ( أو مر ) على أنفه فقال به هكذا– أي بيده –فذبه عنه ( أو فطار) " فأي الرجلين أنت؟! ما أقواه من تحذير هذا الذي حذرنا منه البشير النذير حيث قال : " إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه" .( ) واعلم أنه لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار .... فإن كنت تصر على المعاصي وتزعم الطمع في رحمة الله العزيز الغفار ، فاعلم أنه يأخذ بالذنب أخذ المنتقم الجبار .... فهلا رجعت عن ذنوبك ؟! أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : أن الله يراك ، فاتق الله ....سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ... ولكن قل علي رقيب فليكن حالك ممن يعبد الله تعالى كأنه يراه ، فإن لم تكن تراه فكن على يقين من أنه يراك . أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : أن للمعاصي أثارا مدمرة في الحياة وقبل أن تلقى الله ، فما عاش في ضنك الحياة أحد مثل ما عاش العصاة، وما عاش في رغد عيش برضاهم عن الله مثل ما عاش الطائعين الموحدين لله ، وصدق الله : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى } ( ) فما أضيق عيش العصاة ، وما أقل سعادتهم ، فهم وإن تبدت لك سعادتهم في الظاهر وسعة عيشهم ، فوالله الذي لا إله غيره ... لو صدق أحدهم فأخبر عما بداخله لقال : أشعر أني أعيش في كهف ضيق مظلم ويملأ صدري منه الخوف والوجل ، ولم أستشعر قط شيئا من الطمأنينة ولا راحة البال ... ولا عجب فهذه أقل أحوال ... من عصى الله ذي العزة والجلال ،! فهلا أقلعت عن المعاصي ، وسارعت بإصلاح قلبك القاسي ، وأنرت حياتك بطاعة الله ... ولتكن ممن قال : لو علم أعداؤنا ما نحن فيه من سعادة بطاعة الله ... لجالدونا عليها بالسيوف أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : أن للمعصية سواد في القلب ، فإياك أن تكون الساعي إلى سواد قلبك . هيا قم فانفض غبار المعصية بريح الشوق إلى الجنة ، هيا قم واغسل أثار الذنوب بدموع الندم والتوبة، هيا قم فأنر ليلك بركوع وسجود ... بين يدي من يمتن على عباده ويجود ، هيا قم وجدد العهد مع الله عسى أن يقبلك الله وقل : إلهي بك أستجير ومن يجير سواك فارحم ضعيفا يحتمي بحماك يا رب قد أذنبت فاغفر ذلتي أنت المجيب لكل من ناداك يا رب عظمت ذنوبي إنني أرجوا رحمة يزينها رضاك أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : أن الملائكة تحصي عليك أعمالك ، وتكتب لك أقوالك ، وغدا ستعرض عليك أفعالك … يوم أن ينشر ديوانك، واعلم أنه {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }( ) فأي الأعمال تحب أن تراه غدا؟! هيا فقم قبل أن تندم … ولا ينفع الندم. أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : ساعة الاحتضار : {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }( ) يخبر الله تعالى عن حال المحتضر من الكافرين أو المفرطين في أمره تعالى، أنه إذا أشرف على الموت، وشاهد ما أُعِدَّ له من العذاب قال: رب ردُّوني إلى الدنيا لعلي أستدرك ما ضيَّعْتُ من الإيمان والطاعة. فلا يجاب إلى ما طلب ولا يُمْهَل. فإنما هي كلمة هو قائلها قولا لا ينفعه. فتذكر لحظة خروج روحك وهي تجذب من كل عرق وعظم وجلد وعصب ، فهي من العصاة تجذب جذبا شديدا كما يجذب السفود من الصوف المبلول كما في حديث البراء وساعتها تتمنى أن لو عدت إلى الدنيا لتتوب ... نعم تتمنى الرجعة لا إلى أهلك لتودعهم ، ولا إلى مالك لتقسمه ، ولا إلى عملك لتنظمه ، لا ... بل إلى الدنيا لتعمل عملا صالحا يقربك من الله ولكن فَنِيَت الساعات فلا ساعة ، فنيت اللحظات فلا لحظة ، انتهت الثواني فلا ثانية ... إنه القدوم على الله .... جاء الأمر من الله بخروج روحك ... {كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ}( ) ترى أي نداء ساعتها ستسمع ؟! وبأي البشارات ستلقن ؟! فما هنا إلا فريقين لا ثالث لهما، فيما ورد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل صالحا قالوا اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيفتح لها فيقال من هذا فيقولون فلان فيقال مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل – فاللهم اجعلنا من هؤلاء يا رب - وإذا كان الرجل السوء قال اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فلا يفتح لها فيقال من هذا فيقال فلان فيقال لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ارجعي ذميمة فإنها لا تفتح لك أبواب السماء فيرسل بها من السماء ثم تصير إلى القبر"( ) أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : ساعة القبر وعذابه : نعم خرجت روحك ، سكن جسدك ، سكت منك اللسان ، تيبست الشفتان ، تصلبت اليدان والقدمان ، نعم نزل بساحتك الموت فلا فوت، ثم إلى أين ؟! يحملك أحب الناس إليك ، ويسرع بك أقرب الناس منك ، فيوارونك بالتراب ، ويغطيك الأهل والأحباب ، ويتركك جميع الخلان والأصحاب ، يخلونك وينصرفوا ؟! نعم ... فإذا الوحدة والوحشة وهول الحساب... لا أنيس ولا جليس لك إلا الله ثم عملك الصالح .... ويا لهول ما ستلاقيه في قبرك ، ظلمة موحشة، وحدة مقلقة، فما أقسى القبر وظلمته ، وما أوحش القبر ووحدته ، فهو إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار .... تذكر القبر وضمته ، فهل سيضمك ضمة الأم الحنون لولدها بعد طول غياب ؟! أم تراه سيضمك ضمة السيد الغاضب لعبده الآبق ؟! فاللهم سلم ، سلم ... فيا من بدنياه اشتغل وغـره طـول الأمــل المــوت يأتي بغتــة والقبر صندوق العمل ها هم راحوا وتركوك ... وفي التراب دفنوك ... ولو ظلوا معك ما نفعوك ... ولم يبق لك إلا الله.... فلما تعصي الله ؟! حدثني من أثق به فقال : خرجت يوما لتشييع جنازة خارج بلدتنا مجاملا في قريب لأحد الأصدقاء ... صلينا عليه وانصرفنا مشيعين إلى المقابر ، وتأخرت في مؤخرة الركب، وسبقتني الجنازة في السير ولكني كنت حريصا على أن أقف على القبر لأدعو لها مجاملةً لصديقي الذي أعرفه ، ولعله يراني فتكون لي عنده ، ولكني رأيت عجبا ،! رأيت أن كل من نزل إلى القبر ليقبر الرجل بمجرد نظره في القبر يخرج وقد أمسك ظهره ويقول: فلينزل غيري ،! سبحان الله ... تتابع الرجال حتى أصبحوا عددا لا ينكر..! فقلت في نفسي ولما لا أتم الجميل وأنزل؟! ولعلي ألقى من الأجر شيئا ؟! فهممت بالنزول ، وفعلا نزلت ، فأراني الله تعالى أعجب ما رأيت ... فما إن نظرت داخل القبر كما نظر غيري ممن سبقوني حتى انخلع قلبي ، وطار فؤادي ، وفتت أعصابي، ونخرت قواي .... يا الله ... ما هذا الذي أراه ؟! حقيقة هذا أم خيال ؟! ... لا إنها الحقيقة المفجعة المفزعة المروعة التي أسكتت ألسنة من سبقني إلى القبر وخرجوا دون التفوه بكلمة واحدة ، إنه ثعبان عظيم البنية ، ضخم الحجم ... نعم أراه وقد ملأ بجسده القبر وقد فتح فاه الضخم ... وكأنه ينتظر الداخل عليه ليلتهمه ... وكأني لو دخلت عليه لكان وطأ قدمي داخل فمه هذا ...! يا الله ... أأكون أنا الضحية المرتقبة ؟! أصابني الذهول لبرهة ثم أراد الله لي الفيأة ... وقلت في نفسي لعله ينتظر هذا الميت ، وسبقني لساني بإلهام من الله وقلت أخاطب الثعبان : " تنحى جانبا حتى أدخله لك ، ثم افعل ما بدا لك " قلتها بصوت خافت وكأني أحدث نفسي ... يا الله ... إنه العجب العجاب ... كأنه سمع مقالتي وعلى الفور قام بتنفيذها ... وتكور بجسده الضخم في زاوية من القبر ، واستعنت بالله ولا أعرف كيف ولكنه التوفيق من الله ودخلت القبر ... الثعبان إلى ظهري ، وباب القبر في وجهي وناديت : " ادخلوا الميت " وصرت أجذبه إلي وكأنه الملح في ثقله .. لا ... لا بل الحديد ... لا .. لا .. بل أثقل من كل هذا ... وصرت أقاوم في أن أرقده الرقدة الصحيحة ... ولكن ... ما إن أدخلته وتوارت قدمه من باب القبر ، وما كان هذا إلا بشق الأنفس مني وأنا أجذبه جذبا على ظهره .... فلما أردت الهم بفك أربطة الكفن فوالله ما إن مددت يدي إلى رأسه لأفك رباطها حتى سبقني إليها هذا الثعبان ، وأحاط بجسده جميعه إحاطة السوار بالمعصم ولا أدري كيف ... وأخذ يعتصره بعضلاته المفتولة الضخمة حتى سمعت تكسير عظمه ، واختلاف أضلاعه ... فقلت : " افعل ما شئت، فوالله لا بد وأنه أهل لصنيعك هذا" وخرجت. من منا يريد أن يكون هذا الرجل ؟! من منا يود أن تكون تلك نهايته ؟! من منا يتمنى أن يكون هذا استقباله؟! يا الله ... نشكوا إليك ضعف قوتنا ، وقلة حيلتنا ، وكثرة معاصينا ، وعظم مساوينا ، فارحم اللهم ضعفنا، واغفر ذلتنا ، وأقل عثرتنا ، يا رب ..... إن من الساعات التي ينتاب العاصي فيا الندم على ما فات أيضا ، ساعة النشور ، والبعث من القبور ... أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : ساعة النشور من القبور: ويا لها من ساعة ،! ساعة أن يحشر الناس لرب العالمين ... حفاة عراة غرلا ... دنت الشمس من الرؤوس ، تمايل الخلق من شدة الأهوال وكأنهم سكارى دون شرب الكؤوس.... الأبصار لعظم الأهوال خاشعة، الألسن من شدة الرهبة لربها ضارعة ، الجوارح من هول الموقف خاضعة ، خشعت الأبصار، تطايرت قلوب الكفرة والعصاة والفجار ، الجميع برزوا لملاقاة الواحد القهار ، في يوم لا ليل فيه ولا نهار، الكل يخشى سطوة المنتقم الجبار ، تنزلت الملائكة تنزيلا ، حشرت الخلائق و اجتمعت الأرواح في الأبدان، نودي الجميع للقاء الله الملك الديان . هيا فليقم الجميع للحساب والوقوف بين يدي رب الأرباب .. {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ } ( ) ساعتها يندم العصاة ، ويتساءلون فيما بينهم متعجبين : {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } ( ) إنها الحسرة التي تملأ قلوبهم ، وتنطق بها ألسنتهم. أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : ساعة قيام الساعة ومعاينة أهوالها: يا لهول الساعة وما فيها ، عن المقداد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قيد ميل أو اثنين قال سليم لا أدري أي الميلين عنى أمسافة الأرض أم الميل الذي تكتحل به العين قال فتصهرهم الشمس فيكونون في العرق بقدر أعمالهم فمنهم من يأخذه إلى عقبيه ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه ومنهم من يأخذه إلى حقويه ومنهم من يلجمه إلجاما فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده إلى فيه أي يلجمه إلجاما" ( ) جيء بالجنة وقد تزينت ، وجيء بالنار وقد تسعرت ، لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك ... أهوال قد توالت ، أصوات قد تعالت ، وصدق الله : { إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً . يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً. وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَاباً. وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً. إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً. لِلْطَّاغِينَ مَآباً. لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً. لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلَا شَرَاباً. إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً. جَزَاء وِفَاقاً. إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَاباً. وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً. وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً. فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً. إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً. وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً. وَكَأْساً دِهَاقاً. لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا كِذَّاباً. جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَاباً} ( ) {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ }( ) دنا يوم القيامة وبدَتْ أهواله ، فإذا أبصار الكفار مِن شدة الفزع مفتوحة لا تكاد تَطْرِف, يدعون على أنفسهم بالويل في حسرة: يا ويلنا قد كنا لاهين غافلين عن هذا اليوم وعن الإعداد له, وكنا بذلك ظالمين.
مثل وقوفك يوم العرض عريانا مستوحشا قلق الأحشـاء حيرانا والنــار تلهب من غيــظ ومن حنـق على العصاة ورب العرش غضبانا اقـرأ كتابــك يا عبـدي على مهـل فهل تــرى فيــه غيـــر مــا كانــا لما قـرأت ولـم تنكــر قـراءتــه إقرار من عرف الأشياء عرفانا نادى الجليل خذوه يا ملائكتي وامضوا بعبد عصى للنار عطشانا المشركون غدا في النار يلتهبوا والمؤمنون بـدار الخـلد سكانـا أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : ساعة عرض الكتاب أنها تطاير الصحف فآخذ كتابه بمينة وأخذ كتابه بشماله { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ} ( ) فاللهم لا تجعلنا ممن أخذ كتابه بشماله {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً }( ) ووُضِع كتاب أعمال كل واحد في يمينه أو في شماله، فتبصر العصاة خائفين مما فيه بسبب ما قدموه من جرائمهم، ويقولون حين يعاينونه: يا هلاكنا! ما لهذا الكتاب لم يترك صغيرة مِن أفعالنا ولا كبيرة إلا أثبتها؟! ووجدوا كل ما عملوه في الدنيا حاضرًا مثبتًا. ولا يظلم ربك أحدًا مثقال ذرة، فلا يُنقَص طائع من ثوابه، ولا يُزاد عاص في عقابه. ويحذرنا ربنا تبارك وتعالى من هول تلك اللحظات ، وما ينتاب العصاة من شدة الحسرات ، وكأنه يقول لنا احذروا... {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}( ). وساعتها لا ينفع الندم أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : ساعة معاينة الحساب ساعة أن تقف بين يدي الله تعالى ليس بينك وبينه ترجمان ، يذكرك كل أفعالك، وقد أحصيت عليك أقوالك وأعمالك ، فما من معصية سترتها إلا أظهرها الله لك يوم القيامة وأبداها ، وما من معصية نسيتها إلا ذكرك الله إياها . فيال سواد وجهك وأنت ترى كثرة معاصيك ، وقد تبدت لك عظم مساويك قال الله جلا في علاه : ٌ{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ( ) هذا وإن يكن الجحود قد ملأ قلبك في الدنيا وكان النكران سبيلك ، ففي هذا اليوم يسخر الله لك شهودا تشهد عليك ، ولتبدأ بأصحابك وخلانك ، فإذا هم يقرون بذنوبك ، ويفضحون عيوبك ، فتنتابك لحظات الندم على صحبة هؤلاء الذين غرروا بك وزينوا لك الشسيئات ، وحضوك على فعل المنكرات وساعتها تقول : {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً }( ) ليتني لم أتخذ فلانا الكافر أو العاصي صديقًا أتبعه وتجحد أنت شهادة هؤلاء الشهود وتطلب شهودا من نفسك، إنها أعضاؤك ، نعم ستشهد عليك بما عملت من خير وشر...{حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ( ) حتى إذا ما جاؤوا النار, وأنكروا جرائمهم شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون في الدنيا من الذنوب والآثام. وساعتها تتعجب وتصرخ وتقول لجوارحك : تبا لك أتشهدون علي وعلكم كنت أنافح وأجادل ؟ فما الذي حملكم على النطق بما يؤذيني ويؤذيكم قالوا : استمع إلى هذا البيان التعبدي الذي تقر به جوارحك... {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }( ) فوالله ما من جارحة زعمت أنك تعطيها حظها من اللذة بمعصية الله إلا وكانت شاهدة عليك بين يدي الله .....
أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : ساعة ملامسة العذاب: {وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ }( ) عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط ؟ وهل مر بك شدة قط . فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط" . ( ) وكيف لا وهي النار ، النار وشدة عذابها ... النار وبعد قعرها ، النار وشدة أهوالها ، النار وأليم عقابها ، النار وعظيم خطبها ، النار ومهين سعارها ، إنها النار ، محل غضب الجبار ، فمن منكم أيها العصاة يستطيع تحمل عذاب القهار ، فليسارع كل عاص بالتوبة إلى الله ... سبحانه ...سبحانه ... هو العزيز الغفار . أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : يوم يزاد الناس من على الحوض، يوم يؤتى بأناس من أمة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم فيؤخذ بهم ذات الشمال فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : يا رب أصحابي ،! فيقال : إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك .! تذكر قبل أن تعصي الله : ساعة المرور على الصراط ،وأن الناس سيعبرون الصراط على قدر أعمالهم .. فأي المارين تود أن تكون ؟! أم تراك تسعى بكثرة معاصيك ، وتجتهد بكثرة مساويك أن تكون من المبعدين فتصبح من الهالكين لا من الناجين ؟ فما من أحد إلا وهو مار على الصراط ، وما أشقها من لحظات ، تلكم التي دفعت من اصطفاهم المولى تبارك وتعالى فحملوا الرسالات ، بأن يتوسلوا لله رب الأرض والسماوات فيقولون : اللهم سلم سلم . أيها العاصي تذكر قبل أن تعصي الله : أنه قد تأتيك المنية وأنت قائم على ذنبك ، فقل لي بالله عليك كيف ستواجه ربك ، وأنت تعلم أن من مات على شيء بعث عليه ؟! أتحب أن تحشر بين يدي الله وأنت على معاصيه ؟! أتحب أن تحشر بين يدي الله وأن بعيدا عن مراضيه ؟! أتحب أن تحشر بين يدي الله وأنت مغضبا له؟! فهيا تب إلى ربك وحقق ما ادعيته من محبة لله تعصي الإلـه وأنت تـزعـم حبــه إن هذا لعمري في الخصال بديع لـو كان حبــك صادقــا لأطعتـه إن الحبيب لمـن يـحـب مطيـــع يروى أن عمرو ابن العاص رضي الله عنه لما دنا منه الموت دعا بحراسه ورجاله ... فلما دخلوا عليه قال: هل تغنون عني من الله شيئا ؟! قالوا : لا . قال : فاذهبوا وتفرقوا عني ، ثم دعا بماء فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم قال : احملوني إلى المسجد ، ففعلوا . فقال : " اللهم إنك أمرتني فعصيت ، وائتمنتني فخنت ، وحددت لي فتعديت ، اللهم لا بريء فاعتذر ، ولا قوي فانتصر ، بل مذنب مستغفر ، لا مصر ولا مستكبر " وفي الختام سارع بالتوبة ، قبل أن يغلق باب التوبة بين يديك ، ويغلق الطريق في عينيك ، نعم ولا تتعجب ، فباب التوبة مفتوح على مصراعيه ولن يسد في وجه تائب إلا في وقتين ....فاللهم لا تحرمنا التوبة والأوبة إليك يا الله ... نعم باب التوبة لن يغلق إلا في وقتين ، وقت خاص لكل عبد على حده ، ووقت عام ، أما الوقت الخاص ، والذي يخص كل عبد على حده هو وقت الغرغرة " إن الله تعالى ليقبل توبة العبد ما لم يغرغر"( ) وأما الوقت العام والذي يجمع جميع الخلائق هو ، وقت طلوع الشمس من المغرب ، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها" ( ) اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره اللهم إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا اللهم من الراشدين .... اللهم آمين
وكتبه العبد الفقير إلى عفو ربه حسين بن عبدالبديع الفقي | |
|
Dr.Abdelgawad مشرف المنتدى العلمي
عدد الرسائل : 902 العمر : 62 المزاج : --- تاريخ التسجيل : 15/01/2009
| موضوع: رد: سلسلة رسائل قلب جريح : الرسالة الثالثة " رسالة إلى أصحاب المعاصي الجمعة أكتوبر 08, 2010 5:10 am | |
| [b]بارك الله لنا فيك أخي الفاضل وما حرمنا الله من رسائلك الدعوية الطيبة وأثابك الله عنها خيرا[center] | |
|
حسين الفقي ديباوى مميز
عدد الرسائل : 30 العمر : 55 المزاج : الحمد لله تاريخ التسجيل : 10/09/2010
| موضوع: رد: سلسلة رسائل قلب جريح : الرسالة الثالثة " رسالة إلى أصحاب المعاصي السبت أكتوبر 23, 2010 11:24 am | |
| جزاك الله خيرا يا دكتور على مرورك الكريم وأسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم ما نقول ونسمع ، وأن ينفعنا بما علّمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه أكرر شكري وامتناني لكل من مر بمقال كتبته ، أو قول سطرته ، وأسأل الله لي وله حسن التوبة وحسن العمل اللهم آمين | |
|